قال خبراء قانون بريطانيين وسودانيين في العاصمة البريطانية لندن إنهم فوجئوا باصدار وزارة الداخلية البريطانية مؤخراً قانوناً جديداً سمحت بمقتضاه للاجئين السودانيين من اقليم دارفور باللجوء الى بريطانيا مع منحهم مدة اقامة تبلغ خمسة سنوات قابلة للتجديد الدوري دون سقف محدد. وعبّر الخبراء عن دهشتهم ازاء صدور قانون كهذا يسمح للاجئين الدارفوريين (من أصل أفريقي)
باللجوء الى بريطانيا ويمنع ذات اللاجئين القادمين من دارفور الا انهم (من أصل عربي) من اللجوء أو الاقامة. واشار لورد بريطاني معروف لم يشأ إبانة إسمه، ان بوسع أي جهة أو مواطن، ومن باب أولى بوسع الحكومة السودانية (بوصفها المعنية بالأمر) أن تتقدم بدعوى أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة ومقرها لاهاي لطلب رأي إستشاري يقضي بعدم قانونية القانون البريطاني المذكور.
وقال اللورد الإنجليزي العتيق ان أوجه الطعن على القانون الجديد عديدة منها مخالفته للدستور البريطاني غير المكتوب الذي يمنع التعامل بالتفرقة العنصرية، أو التفريق بين المواطنين البريطانيين أو مواطني الدول الأخرى على أساس العرق أو اللون أو الجنس، ومنها مخالفته للقانون الخاص بالاتحاد الأوروبي وهو قانون ملزم لبريطانيا باعتبارها عضوة في الاتحاد الأوروبي، اذ أن الاتحاد الأوروبي أصدر قانوناً موحداً حدّد فيه شروط منح حق اللجوء والاقامة لرعايات الدول الافريقية والآسيوية ولم يشر القانون الى أي شروط فيها تفرقة على أساس العرق واللون.
وفي الخرطوم أبانت مصادر عدلية ان الحكومة السودانية أبدت بالغ أسفها لهذا التشريع البريطاني المفجع كونه عمل على تكريس انقسامات عرقية لم يكن من مسّوغ لها بين أبناء اقليم سوداني واحد جميعهم يحملون الجنسة السودانية ولم تستبعد المصادر العدلية ان يتعامل السودان في أي شأن هجري أو تأشيرة دخول أو أي أمر مشابه بالمثل، اذ أن حملة الجنسيات البريطانية بالطبع ليسوا من لون وعرق واحد فهنالك بيض، وهنالك سود، وصفر وألوان مختلفة!!
أما في مقر الاتحاد الأوروبي بروكسل، فقد ذكرت مصادر دبلوماسية غربية أنها – كغيرها – فوجئت بالقانون البريطاني الذي أعاد عقارب التاريخ الى الوراء لعقود، ولأيام التفرقة العنصرية البغيضة وتجارة الرقيق. ولعل مما لا شك فيه أن بريطانيا بفعلتها النكراء هذه، تسعى لإعادة إنتاج أزمة دارفور بصورة بشعة تشيع الكراهية والبغضاء بين السودانيين عامة ومواطني دارفور على وجه الخصوص.
ولعل الأمر الأكثر مدعاة للأسف أن بريطانيا التي حكمت السودان أيام الاستعمار لعقود أبدت جهلاً مريعاً بطبيعة النسيج السوداني حيث تستحيل التفرقة تماماً بين سحنات السودانيين ومعرفة الدماء الافريقية وتمييزها عن الدماء العربية، فالسودانيين شمالاً أو جنوباً، شرقاً أو غرباً دماؤهم ممتزجة تماماً حتى ان كل من أمين عام الأمم المتحدة السابق كوفي عنان ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول حين زارا دارفور لم يتمكنا من التمييز بين العرب والأفارقة وأخذتهما حيرة بالغة من التشابه المتطابق، فيا ترى كيف ستتعرف سلطات الهجرة البريطانية على الدماء العربية وتلك الافريقية بشأن مواطني دارفور، هل استحدثت تقنية جديدة في هذا الصدد أم أنها سوف تكتفي فقط بالنظر الى الصفات والسمات التشريحية العامة، أم أنها سوف تستجلب (خبراء) يتعرفون على العرب والأفارقة؟!