الحمد لله رب العالمين , الحمد لله الذى أتقن خلقَهُ بحكمته , وأنزل الشرع فأتمه برحمته , وأعد لكل شئ عدته , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى الآل والصحب وعلى التابعين إلى يوم الدين .
ثم أما بعد :
فأسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك لكم أيها الأفاضل وأن يحفظكم من كل سوء وأن يرزقكم حسن الفهم عن الله وعن رسوله_صلى الله عليه وسلم _ اللهم أمين. فأنى أتوجه إليكم أيها الإخوة الفضلاء الكرماء بحديث هام وهو سؤال نوهة إلى مضمونه فى عنوان المقال وهو هل هناك فرق بين النبى والرسول ؟ فهذا سؤال هام حرىُُُ بى وبك أن نعرفه وأن نحفظه وأن ننشره ونعلمه لأهل بيتنا الأعزاء , فلينشر كل منكم أيها الأفاضل هذه المسألة البسيط ليقدم لنفسه ما يفرح به فى الآخرة والآن نتوجه إلى مناقشة المسأله إن شاء الله تبارك وتعالى فانتبه جعلك الله أهلاً لطاعته. اعلم رحمك الله وجعلك أهلاً لطاعته أن هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال لأهل العلم هذه الأقوال على التفصيل هى:
ذهب أصحاب هذا القول إلى التسوية بين الرسول والنبى فقالوا أنه لايوجد فرق بين الرسول والنبى فالنبى
هو الرسول والرسول هو النبى ولكن أصحاب هذا القول جانبهم الصواب وأخطأوا وقولهم هذا مستدرك عليه
لوجود مايدل على بطلانهوخطأه من القرأن والسنه فنهدم هذا القول ونبطله من خلال ثلاثة أوجه هى:
أما بالنسبة للوجه الأول الذى يدل على بطلان هذا الرأى هو قول الله تبارك وتعالى(وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا
تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم )(الحج : 52)
فإذا نظرت إلى مفردات الآيه الكريمه سوف تجد أن الله تبارك وتعالى قال (من رسول ولا نبى ) فعَطَفَ النبى على
الرسول أنظر إلى حرف العطف وهو الواو, ومن المعلوم فى اللغة أن العطف يقتضى المغايرة أى أن النبى غير الرسول
فهذا أول دليل من القرأن يهدم هذا القول.
أما بالنسبة للوجه الثانى الذى يُهدَ م به هذا الرأى أن الله تبارك وتعالى قد وصف بعض رُسُلِهِ بالنبوة والرساله
مما يدل على أن الرسالة أمر زائد على النبوه فقال تعالى فى حق سيدنا موسى -عليه السلام
(واذكر فى الكتاب موسى إنه كان مخلصاً وكان رسولاً نبيا)(مريم : 51) فقال تعالى فى الآيه( رسولاً نبيا) مما يدل على أن
الرسالة أمر زائد يعنى النبى ليس كالرسول وبالتالى يتضح بجلاء أن أصحاب هذا الرأى قد جانبهم الصواب.
أما الوجه الثالث الذى من خلاله يهدم هذا القول وهذا الرأى ويرد به على من سوى بين النبى والرسول فهو
أن عدة(أى عدد) الأنبياء تختلف عن عدة الرسل فكيف نسوى بين الأنبياء والرسل والدليل على ذلك ما رواه الإمام
أحمد رحمه الله تبارك وتعالى فى المسند وكذا الحديث فى مشكاة المصابيح بسند صحيح صححه الشيخ الألبانى
رحمه الله تبارك وتعالى من حديث أبى ذرٍ رضى الله عنه قال : قلت يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كم المرسلون ؟
قال : ثلاثمائة وبضعة عشر جماً غفيراً . وفى رواية أبى أميمة التى فى سندها كلام أنه سأله فقال له: كم وفاء الأنبياء ؟
قال: مائة وأربعة وعشرون ألفا الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً).
إذاً نستفيد من الحديث أن عدة الأنبياء تختلف عن عدة الرسل وبالتالى الأنبياء ليسوا كالرسل إذاً أصحاب القول الأول
الذين لم يفرقوا بين النبى والرسول قد جانبهم الصواب وتم اسقاط رأيهم من خلال ثلاثة أوجه من القرأن والسنه كما ذكرت .
قال أصحاب هذا القول وهذا الرأى أنه يوجد فرق بين النبى والرسول , فالذى يقول أنه ليس هناك فرق بين النبى والرسول فقد أخطأ فليس النبى كالرسول وليس الرسول كالنبى . فقالوا هناك بالطبع فرق بين النبى والرسول كالأتى :
الرسول : هو من أوحى الله إليه بشرع وأمره الله تعالى بتبليغ هذا الشرع إلى الناس .
النبى : هو من يوحى الله إليه ولا يأمره الله تبارك وتعالى بالبلاغ.
إذاً نلاحظ من التعريفين أن أصحاب هذا القول قد فرقوا بين النبى والرسول فى قضية البلاغ , فعندهم أن الفرق بين الأثنين أن الرسول مأمور بالبلاغ أما النبى ليس مأمور بالبلاغ وهذا القول فى الحقيقة هو الشائع عند أكثر أهل العلم ولكن هذا القول أيضاً ليس بالقول الراجح , فهو أيضاً قول مستدرك عليه ويهدم كذلك من خلال ثلاثة أوجه نوضح من خلالها أن هذا القول ليس بالصواب, هى على التفصيل كالأتى:
أما بالنسبة للوجه الأول الذى يدل على عدم صحة هذا الرأى هو قول الله تبارك وتعالى(وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى
إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم )(الحج : 52)
فإذا نظرت إلى مفردات الآيه الكريمه سوف تجد أن الله تبارك وتعالى قال (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى)
فنص الله تبارك وتعالى على إرسال النبى كما نص على إرسال الرسول والإرسال يقتضى البلاغ , فإطلاق لفظ الإرسال مع النبى
والرسول يدل على أن كلاهما يبلغ , فالله تبارك وتعالى عندما يرسل رسول أو نبى ما يرسله إلا لكى يبلغ رسالة الله تبارك وتعالى
إلى البشر وبهذا يتضح أن أصحاب هذا القول الأفاضل قد جانبهم الصواب.
أما بالنسبة للوجه الثانى الذى يدل على عدم صحة هذا الرأى هو أنه لا يستقيم أبداً أن الله عز وجل يوحى إلى النبى ثم يكتم النبى
هذا الوحى فى صدره ولا يبلغه ثم يموت ويدفن معه الوحى , فما فائدة الوحى إذاً , فإن الله تبارك وتعالى عندما يوحى إلى نبى
من أنبيائه أو رسول من رسله فإنه يوحى إليهم لبيان دينه وشريعته يعنى ليبلغوا لا ليكتم أحدهم الوحى ويبلغ الأخر وإلا فما فائدة
البلاغ للأخر, ويزيد الأمر وضوحاً ما قاله العلامة الألبانى رحمه الله تبارك وتعالى قال:إذا كان العلماء قد أُمِروا بالبلاغ فلأنبياء
من باب أولى أن يقوموا بالبلاغ . فإن الله تبارك وتعالى قد قال (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا
للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء)(المائدة : 44).
وبهذا يتضح أن أصحاب هذا الرأى من أهل العلم الأفاضل قد جانبهم الصواب وإلى الوجه الثالث ننتقل إن شاء الله.
أما بالنسبة للوجه الثالث الذى يدل على عدم صحة هذا الرأى هو حديث ذكره الإمام مسلم وكذا الإمام البخارى فى صحيحيهما رحمهما
الله تبارك وتعالى , فنأخذ من هذا الحديث بعض المقاطع التى نحتاج إليها فى هذا الموضع وهى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(رأيت النبى ومعه الرهط ) & ( رأيت النبى ومعه الرجل والرجلان ) & ( ورأيت النبى وليس معه أحد)
ومن هذا يتضح أن النبى يبلغ دعوة الله عز وجل ومن الناس من يستجيب ومنهم من لا يستجيب فمن أستجاب إلى دعوة وبلاغ النبى كان مع النبى ومن لا يستجيب لا يكن معه وبهذا يتضح أن أصحاب هذا الرأى من أهل العلم الأكابر الأجلاء قد جانبهم الصواب عندما فرقوا بين النبى والرسول فى مسألة البلاغ, لكن الراجح والصواب فى هذه المسألة هو القول الثالث الذى سأذكره الآن إن شاء الله تبارك وتعالى فاذهب إليه واقرأه , فإلى القول الثالث الأن إن شاء الله تعالى ننتقل فاستعد.
هذا هو القول الأرجح والصواب إن شاء الله تبارك وتعالى فى هذه المسألة فماذا يقول أصحاب هذا القول ؟
يقول أصحاب هذا الرأى أنه هناك فرق بين النبى والرسول ولكن الفرق ليس فى البلاغ إنما فى التشريع , ولكنك الأن تتسأل ما معنى الفرق فى التشريع ؟
الجواب : قال أصحاب هذا القول :
الرسول : هو من يوحى الله تبارك وتعالى إليه بشرع ٍ ويأمره بتبليغ هذا الشرع .
النبى : هو المبعوث لتقرير شرع من قبله .
يعنى الرسول ينزل عليه شرع جديد ينسخ به شرع من قبله ويأمره الله تعالى بتبليغ هذا الشرع للناس بينما النبى لا يوحى إليه بشرع جديد إنما يوحى الله إليه ويدعوا إلى شرع الرسول الذى قبله ولا يبلغ شرع جديد .
هذا هو الراجح فى هذه المسألة إن شاء الله تبارك وتعالى .
وأخيراً أتوجه إليكم أيها الأفاضل بطلب بسيط ويسهل عليكم إن شاء الله تبارك وتعالى وهو أن تنشروا هذه المسألة البسيطة باللسان وعبر البريد الإلكترونى لمن تعرفونهم كى يعم الخير والنفع إن شاء الله تبارك وتعالى , وأسأل الله تبارك وتعالى أن يحرم وجهى ووجوهكم أيها الأفاضل على النار وأن يعيذنا الله بفضله من البدع ومن الضلالات وأن يعيدنا إلى السنة وأهلها إنه سبحانه وتعالى ولى ذلك الفضل وهذا الأمر والقادر عليه, ومعذرة على الإطالة, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- الشريط الثانى من أشرطة شرح كتاب "العقيدة الواسطية "
لفضيلة الشيخ / عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله تبارك وتعالى )
وانبه على أمر هام وهو أن كل خطأ فى هذا المقال قد كتبته فهو مما فهمته
خطا من الشيخ والشيخ منه برئ تماماً.