يبدو من الصعوبة بمكان رؤية الصربية انا ايفانوفيتش المصنفة خامسة, وحاملة اللقب, متوجة مرة جديدة على عرش بطولة فرنسا المفتوحة لكرة المضرب على ملاعب رولان غاروس التي تنطلق غداً الأحد, في حين, ورغم أن دائرة المنافسة كبيرة, مع وفرة بالمرشحات اللواتي بمقدورهن انتزاع اللقب المرموق, من المنتظر أن تكون وصيفة ايفانوفيتش العام الماضي, الروسية دينارا سافينا, الأولى على العالم, أمام فرصة ذهبية للتكلل بالمجد الفرنسي إذا ما أظهرت المستوى المتقدمّ الذي منحها مؤخراً لقبين على الملاعب الترابية.
إلى جانب الروسية التاتارية, (نسبة لجمهورية تاتارستان الروسية), ستحاول الأميركية سيرينا وليامس, الثانية على العالم, تثبيت كلامها بأن سافينا لا تستحق تبوّؤ العالم, وبالتالي انتزاع لقب الدورة, ولا يمكن إغفال شقيقتها فينوس الثالثة, والروسية الأخرى الممشوقة القوام, ايلينا ديمنتييفا, الرابعة, ومواطنتها, القوية البنية, سفتلانا كوزنتسوفا السابعة وغيرهم, بحظوظ متفاوتة.
تألق سافينا
يلوم الكثيرون سافينا على عصبيتها الزائدة, شأن شقيقها مارات, المصنف أول على العالم سابقاً, فعادة تحطيم المضارب ورميها أرضاً وسرعة الانفعال والغضب, كثيراً ما أثّرت وتؤثر على مستوى الروسية, التي حينما تنجح في تخطي تلك السلبيات, تصبح صعبة المنال مع امتلاكها مستوى فني شبه خال من الشوائب, ولعلّ الاتزان الذي ظهرت به مؤخراً, في دورات مدريد وروما وكذلك شتوتغارت, أظهر تحسناً ملحوظاً في التحكّم النفسي لدى اللاعبة.وقياساً لمستوى منافسات سافينا ابنة الـ23 عاماً, تبدو الأخيرة في وضع جيد ومثالي للتأكيد للجميع أن تصدرها اللاعبات المحترفات في نيسان/ابريل الماضي ليس حظاً عابراً أو محض صدفة, وهي طبعاً تأمل وستسعى جاهدة, لدحض كلام منتقديها, وإثلاج قلوب محبيها والفوز بأول لقب كبير (غران شلام) في مسيرتها, خصوصاً أنها رفضت الرد على هذا الكلام قائلة إن الألقاب ستتكفل بذلك."الأمور تسير قدماً نحو الخطوة التالية", قالت سافينا صاحبة البنية القوية (1,82 متر) والتي غالباً ما تتدرب في كرواتيا مع مدربها زليكو كرايان, "عليك أن تقوم بخطوات في حياتك. بالنسبة إلي الخطوة الأولى كانت الفوز بلقب كبير أو تصدر التصنيف, وقد حققت إحداها".
وبتحقيقها خطوتها الأولى, تبدو مصممة على تحقيق الثانية ألا وهي الفوز بلقب غران شلام, علماً أنها خسرت نهائيين, آخرهما أستراليا المفتوحة مطلع هذا العام "بالنسبة للخطوة القادمة, لدي مسيرتي الكاملة, وسأتابع العمل بشكل مضني كي أفوز بلقب كبير".
تحدّي سيرينا
لكن ما بين طموحات سافينا, وملامسة الواقع, عقبات شتى قد تؤجّل تحويل أحلامها إلى حقيقة, أبرزها, الأميركية سيرينا وليامس, التي وإن أعلنت جهارة بانها غير مرشّحة, فهي تبحث من خلال مشاركتها عن إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد, أولاً الفوز بفرنسا للمرة الثانية بعد عام 2002, ثانياً تخطي الفشل الذي يلاحقها في رولان غاروس منذ العام 2003 آخره الخروج من الدور الثالث العام الماضي, انتزاع لقبها الكبير الحادي عشر, والتأكيد بأحقيتها بالرقم واحد عالمياًً من خلال تفوقها على سافينا.
ولعل السبب الأخير قد يشكل دافعاً هاماً لسيرينا, فصاحبة السحنة سمراء والتقاطيع الضخمة والتي يصعب إيجاد نقاط ضعف في أدائها المتوازن على كافة أرجاء الملعب, لم تستطع إخفاء غيظها من خسارتها صدارة التصنيف لمصلحة سافينا في نيسان/ابريل الماضي, وخرجت معتبرة بأن الروسية لا تستحق ما حصلت عليه, وأنها الأجدر به, خصوصاً أن منافستها الشقراء, نالت هذا الشرف دون الفوز بأي لقب كبير, فيما سيرتها (سيرينا), تحكي ذاتها, لكن طبعاً بين حديث سيرينا وقانون التصنيف, هوّة واختلاف, منحا الروسية التصدر مستفيدة من ثبات في المستوى تفتقد له الباقيات, وبينهن سيرينا, التي ستحمل عبء تصريحها معها في فرنسا.
وبدورها ستصطدم طموحات سيرينا (غير المعلنة) بمصاعب عدة, فالأميركية ليست في أفضل حالاتها, فقد انسحبت من دورة مدريد مؤخراً لإصابة في الساق, وأداؤها على الملاعب الترابية مؤخراً ليس بالجيّد فهي لم تذق نصراً منذ قرابة العام, وتاريخها "الفرنسي" باستثناء لقب 2002, غير مشجع, وهي لا تخف في تصريحاتها العلنية أنها لا تتوقع الفوز في رولان غاروس "أنا سعيدة للعودة إلى هنا، ولكن لا أعتقد بأنني مرشحة للقب وهذا ما أشعر به الآن", لكن من يعرف سيرينا يدرك أن تلك الفتاة المقتدرة بمقومات نفسية عالية, لا تلعب أبداً بروح انهزامية, وبالتالي تبقى اسماً مرشحاً بقوة للقب.
شكيمة فينوس
بكفة أخرى, تبرز شقيقة سيرينا, ثالثة العالم فينوس, كلاعبة تعد بالمنافسة في فرنسا, وإن كانت لا تملك تاريخاً كبيراً على ملاعب رولان غاروس, فهي بلغت النهائي مرة واحدة العام 2002 حين خسرت أمام شقيقتها, لكن سجلها "الكبير" كبير فعلاً فهي تملك سبعة ألقاب كبرى, خمسة منها في ويمبلدون, واثنان في الولايات المتحدة, مما يؤهلها للعب دور هام, ورؤيتها في النهائي لن تشكل عامل مفاجاة, خصوصاً أنها تمتلك ما يؤهلها للاضطلاع بدور مماثل.
قدمت فينوس, موسماً متأرجحاً حتى الآن, فهي فازت بدورتين في دبي على أرض صلبة وابييرتو في المكسيك على أرض ترابية, وهذا ما ساعدها للتقدم لأحسن تصنيف عالمي لها منذ 2003, ثم غابت عن دورات عدة, لتعد بعدها دون أن تسجل نتيجة مميزة, فأبرز ما حققته بلوغ نصف نهائي دورة روما الإيطالية التي تجري على ملاعب ترابية, حين خسرت أمام سافينا, لكن يُحسب للأميركية قوّة شكيمة قد تساعدها مع تميّز فني بالإرسال, الذي يضاهي إرسالات الرجال قوة إلى جانب قوة ودقة الضربات الأمامية باليدين معاً.
خطر روسي
لن تكون اللاعبات الثلاث السالفات الذكر, بمنأى عن خطر روسي يهددهن, مع وجود ايلينا ديمنتييفا رابعة العالم وبطلة اولمبياد بكين, والتي تبحث عن أول لقب كبير لها, وهي التي سبق أن حلت ثانية في فرنسا عام 2004 وتتميز باللعب من الخط الخلفي مع ضربات قوية, وسفتلانا كوزنتسوفا, التي ارتفع مستواها كثيراً مؤخراً, فأحرزت دورة شتوتغارت الألمانية على ملاعب ترابية مطلع الشهر الحالي بتفوقها على سافينا, وتتميز بسرعتها الحركية وضرباتها الأمامية الرأسية الدوران, كما تبرز ناديا بتروفا الحادية عشرة على العالم والتي لها حضور دائم, أما أبرز الغيابات ضمن الكتيبة الروسية فتتمثّل بالـ"محاربة" التي لا تستسلم, فيرا زفوناريفا, التي أعلنت انسحابها عشية انطلاق البطولة علماً أنها مبتعدة منذ حوالي الشهر منذ انسحابها من دورة تشارلستون الأميركية بعد التواء في الكاحل.
وسيضفي وجود ماريا شارابوفا رونقاً خاصاً على دورة فرنسا, وإن كانت غير مرشحة لابتعادها الطويل عن الملاعب منذ عشرة أشهر, بسبب إصابة في الكتف, وهي لم تعد إلا منذ أسبوع فاشتركت في دورة وارسو, وخرجت من ربع النهائي أمام الأوكرانية ألونا بوندارنكو, لكنها قد تسعى لعودة قوية, ولرفع اللقب الكبير الوحيد الذي تخلو خزائنها منها, وإن كانت صرحت أنها لا تتوقع شيئاً حالياً "لا أعتقد انه الوقت المناسب في مسيرتي كي أعطي توقعات".
آمال صربية
يُحال الحديث عن المرشحات, دون ذكر ممثلتي صربيا ايلينا يانكوفيتش الخامسة, وانا ايفانوفيتش الثامنة, وإن كانتا غير تلك اللاعبتين اللتين أبدعتا الموسم الماضي مستفيدتين بشكل خاص من اعتزال البلجيكية جوستين هينان, مما سمح لكلتيهما بتذوق صدارة التصنيف العالمي. وكانت ايفانوفيتش أحرزت لقبها الكبير الأول في فرنسا العام الماضي, قبل أن تنحدر تدريجياً وتهبط من الرقم واحد عالمياً للثامن, وهي تعود بعد إصابة في الركبة, وتعول كثيراً في أدائها على ضرباتها الأمامية, لكنها غالباً ما تشكو من ضعف نسبة إرسالها الأول.
أما يانكوفيتش التي تراجعت كثيرا منذ أن اعتلت الرقم واحد, ثمّ تخلت عته قسراً, فتبقى رقماً يحسب له حساب, وهي تعتمد على تميزها في الضربات الكبرى, الأمامية والخلفية الطولية, لكن قد تخونها لياقتها البدنية, وهي التي عانت من إصابات كثيرة متكررة.
إلى جانب من ذكر من لاعبات, ينتظر من بعض الشابات اللواتي ثبتن أقدامهن بقوة في عالم كرة المضرب, دوراً هاماً في البطولة الفرنسية, مثل الدنماركية كارولين فوزنياكي, والبلاروسية فيكتوريا ازارنكا, والبولندية اناستازيا رادفنسكا, وطبعاً يبقى للمخضرمة اميلي موريسمو حضورها القوي, وهي التي استعادت البعض القليل من عافيتها مؤخراً, وقد تستعيد أكثر من ذلك أمام الجماهير الفرنسية.