لماذا يفرح العبـد ؟؟؟

هذا إذا وجد الفرح من أصله أستحلفك بالله أن تكمله لتجيب عن الأسئلة قبل أن تندم وقت لا ينفع الندم أمرنا الله تعالى في كتابه العزيز بالفرح في القرآن الكريم في موضع واحد وهو بسورة يونس الآية58 فقال تعالى: ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) وقد قال ابن عباس إن فضل الله هو القرآن الكريم ورحمته هي الإسلام، أو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث بعثه الله رحمة للعالمين. وأيًّا ما كان فهذه الأمور يجب الفرح بها. أما واقع الأمر فهو أننا نفرح بالدرهم أو الدينار أكثر من فرحنا بالإيمان. وبالمناسبة سمي الدينار دينارًا لأنه دين ونار من أخذه بحقه فهو دِينه، ومن أخذه بغير حقه فهو له نار. وقد كان يفرح الأسود بن سالم بصلاته ويقول : ركعتين أصليهما أحب إليّ من الجنة بما فيها. فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: الجنة رضا نفسي، والركعتان رضا ربي، ورضا ربي أحب إليّ من رضا نفسي. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن يحب) فهل تُقدِّر هذا الحب ؟! وكمال العبد بحسب هاتين القوتين: العلم والحب. العلم : هو العلم بالله ( من أراد الله به خيرًا يفقهه في الدين ) الحب : الحب في الله ( المتحابين في الله يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ) وبين العبد وبين ربه قنطرة تقطع بخطوتين: خطوة عن نفسه : يكبح جماحها إلا عن طاعة الله ( خير الجهاد جهاد النفس ) ( المهاجر من هجر السيئات )، وخطوة عن الخلق : لا يعرف إلا من يدله على طريق الله ( من أراد الله به خيرًا يرزقه خليلاً صالحًا إذا نسي ذكره وإذا استذكر أعانه على ذكره) (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد ......) ومبنى الدين على قاعدتين: الذكر، والشكر. (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) الذكر: باللسان والقلب والجوارح، وذكر نعم الله وآلائه عليه. الشكر : بالطاعة والتقرب إليه تعالى. اللهم ارزقنا الصبر على الطاعة وارزقنا البعد عن المعصية. لذا فليس الفرح في كثرة مال أو عيال أو منصب أو جاه، بل ربما كان ذلك أو عكسه ابتلاء ( ولنبلونكم بالخير والشر فتنة ) فمن الناس من لديه من الأموال ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، ولم يذق راحة البال ولا طعم الفرح ونأخذ أمثلة على ذلك : إن الممثلين والممثلات الذين كان لديهم من الأموال والشهرة والجمال ومتاع الدنيا ما لا حصر له، إلا أن من تاب منهم إلى الله تعالى يقسم أنه لم يذق طعم الهناء والفرح إلا بعد أن بكى على خطيئته بين يدي الله. وصدق ابن تيمية حين قال : إن في الدنيا جنـة من لم يدخلها فلن يدخل جنة الآخرة ( إنها جنة الإيمان بالله عز وجل ) وقال إبراهيم بن أدهم : والله لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من سعادة لقاتلونا عليها بالسيوف. إن في قصصهم لعبرة: هذا هو أوناسيوس الملياردير اليوناني صاحب ناقلات البترول وأغنى أغنياء العالم، يموت ابنه الوحيد في طائرته الخاصة، وتفشل ابنته الوحيدة في زواجها ثلاث مرات، وتصاب بمرض ينتهي بها إلى الانتحار وهي في الثلاثين من عمرها، ويصاب الأب نفسه بمرض نادر ليس له علاج ويموت رغم ألوف الملايين من الدولارات. كل هذه المصائب في أسرة واحدة أليست عظة لمن يتعظ؟! ( ربنا يخرجنا منها على خير). وهذه هي ديانـا حبيبة الجماهير رغم كونها زوجة لولي عهد بريطانيا وتسكن أعظم قصور العالم (باكينجهام) إلا أنها لم تنعم بالسعادة وتم طلاقها، وأخيرًا لقيت مصرعها كما يقولون في عز شبابها هي وعشيقها في حادث سيارة، وفي لحظات تحول حديث الصحافة والإعلام من متى وأين ومن سيحضر العرس؟ إلى متى الجنازة ومن المعزون؟ وشارك 5 مليون في تشييع جنازتها ونصف سكان الأرض تابعوها عبر شاشات التليفزيون والإذاعة. وهذا هو إميل البستاني المليونير اللبناني الذي كان يسخر من كل شيء حتى الموت، وبنى لنفسه مقبرة فاخرة من الرخام الإيطالي وبطريقة كذا حتى إنه كان يذهب هو وأصدقائه كل عيد ميلاد له لإقامة حفل غنائي راقص، وقد اتفق معهم على مداومتهم على ذلك الحفل بعد موته، إلا أن الله أخذه أخذ عزيز مقتدر، ولقي مصرعه إثر حادث طائرة سقطت في الماء، والعجيب ولعظم قدرة الله أن جثته هي الوحيدة التي لم يعثر عليها على الرغم من استئجار ابنته لفرقة خاصة من أمهر الغواصين إلا أنهم فشلوا، ولا تزال المقبرة خالية حتى الآن!!! من جثة ذلك الذي قدَّر وحسب أين سيموت وكيف يدفن ؟؟؟ الدنيا إذا حلت أوحلت ..... وإذا كست أوكست وإذا جلت أوجلت ...... وإذا أينعت نعت فالسعيد من إذا مد له باعُها باعَهـا فكـم من قبـور تبنـى وما تبنـا وكـم من مريض عدنـا وما عدنـا وكم من ملك رفعت له علامات فلما علا مات فهيا بنا نفرح بتلك النعم ووداعًا للحزن والهم والغم والآلام التي طالما كابدتها الصدور. لن أذكر نعمًا ملموسة كالسمع والبصر والكلام أو الأهل أو الأمن أو المسكن أو المأوي، والتي هي الدنيا بحذافيرها. ولكني أذكِّر نفسي وإياكم بنعم خفية هي كالتالي: الفرح بنعمة أن لنا ربًّا ندعوه ونتوكل عليه ونفوض أمورنا إليه، فمن أين يأتي الحزن بعد ذلك؟ الفرح بنعمة الإيمان بالله تعالى، وقصر الأمل والعمل للآخرة إذا رزقنا الله ذلك. الفرح بنعمة الخوف من الله واليقين به والخشوع له والتضرع بين يديه وحسن الظن به جل وعلا. الفرح بنعمة القلب الطاهر إذا من الله علينا به (إلا من أتى الله بقلب سليم). الفرح بنعمة الإخلاص في السر والعلن إن وجد، والقصد لله وحده. الفرح بنعمة البصر والبصيرة (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور). الفرح بنعمة ذكر الله وحمده وتسبيحه واستغفاره إذا جرى على ألسنتنا وقلوبنا. الفرح بنعمة الوقوف بين يدي الله تعالى إذا كنت مستطيعًا. الفرح بنعمة الحسنة يوفقنا الله إليها بل ويسيرها لنا سيرًا. الفرح بنعمة الرضا عن الله وعن قضائه وقدره، ورضا الله عنك (رضي الله عنهم ورضوا عنه). الفرح بنعمة التفكر في خلق الله من كون سخره الله لك ليعينك على طاعته. الفرح بنعمة حسن الخلق (إن المؤمن ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم) ووالله لو قمنا به لصلحت الأمة. الفرح بنعمة أنه عرَّف لنا الجنة وعرَّف لنا النار ( وهديناه النجدين – إنا هديناه السبيلا إما شاكرًا وإما كفورًا) الفرح بنعمة كتاب تقرؤه أو شريط تسمعه (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقه إلى الجنة) الفرح بنعمة المعصية إذا استغفرت الله عليها وندمت وتبت ربما تكون سببًا لدخولك الجنة (وقد سبق شرح ذلك) الفرح بنعمة المرض لأنه يكفر سيئاتك ( إذا أحبه الله ابتلاه ) فقد كان السلف يهنئ بعضهم بعضًا عند زيارة المريض ويقولون حبيب الله ادعُ لنا. الفرح بنعمة حب الناس لك، وهذا حالي وحال كثير منكم ففي العمل والمسجد وحتى المواصلات العامة يستبشر الناس بنا ويوقروننا لا لشيء إلا لأننا نحمل أغلى وأسمى اسم ومعنى وهو الإسلام. رزقنا الله الإيمان فكل منا حين يرى شيخًا أو لحية أو نقابًا أو خمارًا يذكر الله ويتمنى بداخله أن يكون كذلك هو وأبوه وأمه وأخته وإخوته وابنته وبنيه والناس أجمعين؛ فالنفس مجبولة علي حب الله وحب الخير. رزقنا الله وإياكم الفرح يوم القيامة بالجنة ورضاه عنا ورزقنا حسن الخاتمة. وأخيرًا أي من هذه النعم لديك ؟؟؟ ومتى ستفوز ببقيتها بعون الله ثم إرادتك عن قريب إن شاء الله تعالي ؟؟؟؟ ثم أكمل أنت لماذا تفرح ؟؟؟؟ وإلى أي فئة تنتمي ؟؟؟ من يفرح بالإيمان أم بالدرهم ؟؟؟ لن يسمع أحد إجابتك إلا السميـع العليـم كن صادقًا مع نفسك ومع الله إنه يعلم السر وأخفى وهو عليم بذات الصدور . سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. وأعوذ بالله أن أذكركم بهذا وأنساه. اللهم اجعله حجة لنا لا علينا. اللهم أصلحنا وأصلح قلوبنا لكي نصلح لعبادتك. اللهم ارزقنا الصبر على الطاعة وارزقنا البعد عن المعصية. العمـر قصيـر ... كفانـا تقصيـر كتاب الفوائد وكتاب منهاج القاصدين لابن القيم من كل شيئ إذا ضيعتة عوض .... وما من الله إن ضيعتة عوض [/font]